تعيش السعودية تبدلات اجتماعية وثقافية واقتصادية حقيقية، هي جزء من الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين، باتت تلامسهم بشكل مباشر، يشعرون بها، أملاً وفرحاً أحياناً، أو عبئاً مالياً وفكرياً لم يعتادوا عليه فيما سلف من سنوات!.
في العادة أي تغيير من نمط حياة لآخر، لا يكون أمراً سهلاً، لأنه يلامس سلوك الإنسان وطريقة معيشته التي ترسخت منذ سنوات، وأصبحت جزءاً من الذات، نتيجة التربية، العادات، والمفاهيم المغذية لأفعاله.
لو كان التغيير سهلاً، يحدث بمجرد صدور قرار حكومي، لما عاشت البشرية كل هذه التجارب الصعبة والنجاحات والإخفاقات والحروب، هو طريق شاق وطويل، لكنه الدرب الوحيد الذي يقي أي مجتمع من حدوث كوارث مستقبلية، ويخرجه من حالة الترهل والتخلف التي يعيشها.
يشير عالم الاقتصاد الأميركي توماس سويل إلى أن التبدلات الاجتماعية تشمل «سلسة واسعة جداً من الأمور، من اللغة إلى الحروب، ومن المسائل العاطفية إلى الأنظمة الاقتصادية». لأن هذه التبدلات يراد لها أن تكون مؤثرة وعميقة، حقيقية وليست مجرد عملية تلميع صوري مؤقتة. ولذا ستطال حتى تلك الأماكن التي يعتقد الناس أنها خاصة وحميمة، كما الركائز الثابتة التي يتصورون أنها لا تمس أو من الخطأ تبدلها، كونهم تربوا لسنوات طويلة على تبجيلها، حتى اعتقدوا أنها حقائق راسخة مقدسة!.
الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، أثناء مشاركتها في المنتدى الاقتصادي العالمي، بقرية دافوس، تحدثت بوضوح عن التغيير الحاصل في السعودية، والتي تشارك في صناعته، من خلال بوابة الرياضة، وهي بوابة لا تقتصر عن المعنى الضيق لـ»الرياضة» بوصفها ممارسة بدنية محضة، وإنما كرافعة لتغيير ثقافي واجتماعي أكبر.
ريما بنت بندر أشارت إلى مسألة مهمة، تتعلق بالتشكيك الحاصل من جهات خارجية في حقيقة عملية الإصلاح الجارية في السعودية، مبدية استغرابها من هذا السلوك، خصوصاً أن كثيراً من «المشككين» هم صحافيون وسياسيون يفترض بهم أن يكونوا على قدر من المعرفة والثقافة، ويدركوا أن المراحل الانتقالية تأخذ وقتاً وجهداً، وتجابه بممانعة، وهذا الأمر لا يخص السعودية وحدها، بل كافة الأمم التي انتقلت من طور إلى آخر. «نحن لا نعمل لأي شخص خارج هذه الأمة، نحن نعمل لأجل هذه الأمة». قد تكون هذه الجملة لريما بنت بندر، هي الكلمة المفتاحية الرئيسة في تعليقها، لأن التغيير يحدث في السعودية، من أجل بناء دولة مدنية حديثة، تؤمن بسيادة القانون، والمواطنة، وتكافؤ الفرص أمام أفراد الشعب، الذين هم المعنيون بشكل مباشر برفعة وقوة وطنهم، وحمايته من أي إرهاب أو أصولية أو تخلف.
التغيير اليوم حقيقة، ليس مجرد حلم رومانسي لا يمكن أن يتحقق، فالركبُ سائر إلى المستقبل، بعقل مفتوح على النقد العلمي والبناء، دون الالتفات لأصوات المتشددين أو المحبطين والسوداويين.