حياة النجوم، سواءً كانوا ساسة أو فنانين، لها بعدان، فغالباً ما يرى الناس الوجه المشرق، الذي يحرص المشهور على إظهاره للعامة، وهو وجه الإنسان المستقيم، والمحب للخير، القريب من أسرته، والوالد الصالح، وغالباً يبقى الوجه الآخر سراً، تخفيه سطوة الشهرة تارة، والمال تارة أخرى، وغالباً ما يتم التستر على السلوكيات المنحرفة للشخصية العامة، ولذا يُصاب الناس بالإحباط والذهول، عندما يقرؤون عن السلوكيات غير السوية لهذا المشهور أو ذاك، فمن كان يصدق أن رئيس أقوى دول العالم، بيل كلينتون، كان لا يرتبط بزوجته هيلاري إلا على الورق، وكان يمارس الخيانة مع متدربة في البيت الأبيض، تصغره بأكثر من عشرين سنة، ولا يمكن أن ينسى المتابع ذلك الحرج الذي أصيب به كلينتون، وهو يروي تفاصيل سلوكياته أمام العالم أجمع، ولا شك أن هذه الوصمة تركت أثراً سلبياً على مجمل حياته السياسية المتميزة.
السلوكيات غير السوية للمشاهير لا تظهر للعلن إلا في حالات قليلة، لأن المصالح المالية تأتي غالباً فوق أي اعتبار، ثم عندما تظهر الفضيحة، يتحول كل من يعرف صاحبها إلى حارس للفضيلة! رغم أنه كان يعلم كل شيء قبل كشفها! والمؤلم هو أن معظم فضائح المشاهير تعبر عن سلوكيات غير سوية، إذ يتجاوز الأمر الخيانة مثلاً، إلى ما هو أبشع، ما يعني أن هذا المشهور أو ذاك يعاني أمراضاً نفسية مزمنة، تغطيها الشهرة والفلاشات والمال، ولعل قصة المنتج الأمريكي الشهير، هارفي ونيستين، التي تفجرت قبل أشهر، تحكي ملخصاً للحياة المزدوجة، التي عاشها هذا المليونير، فالسلوكيات التي كان يمارسها، تشي بشخصية مضطربة متناقضة، تعاني أسوأ أشكال الانحراف، وغني عن القول إنه كان يمارس كل هذه البشاعات لمدة طويلة، وسط صمت كل من حوله، وكان من الممكن أن تموت أسراره معه، لولا أن تم كشفها بالصدفة.
آخر الزلازل بهذا الخصوص، هي قصة نجاح أمريكية خالصة، لرجل جاء من عمق أحياء الفقر والتشرّد في ضواحي مدينة فيلاديلفيا، في ولاية بنسلفانيا، ليصبح نجماً شهيراً، ومليونيراً كبيراً، لدرجة أنه تم وصفه بالأب الأمريكي المثالي، ثم تبيَّن أنه كان ممثلاً بارعاً على المسرح والشاشة، وأيضاً في حياته الخاصة، ونتحدث هنا عن الكوميديان الأسمر الشهير، بيل كوسبي، الذي تقدّمت قبل مدة عشرات السيدات، واتهمنه بأنه يغرر بهن، ثم يضع حبوباً مخدرة في مشروب يقدّمه لهن، قبل أن يشرع في عمليات الاغتصاب، وهذا رغم أنه متزوج ولديه أبناء، ولولا العدد الكبير من النساء اللاتي تقدّمن بشهادتهن المتطابقة ضده، لما صدّق أحد أن هذا الرجل المثالي (أو هكذا ظننا)، كان وحشاً بشرياً يتلذّذ باغتصاب النساء، خصوصاً صغيرات السن، وعلاوة على ذلك، فقد تم الكشف عن معاملته السيئة لإحدى بناته، والتي تسبب في سجنها، واحتفل بهذا الإنجاز، والخلاصة هي أن الإنسان المشهور قد لا يكون بتلك الصورة المثالية، التي يرسمها معجبوه في مخيلتهم، والأمثلة كثيرة لدرجة أنه يصعب حصرها، فالحذر الحذر!