فتيل قرار إيقاف جلب الجالية الفلبينية للكويت جاء مفاجئا وقويا ومن دون أي مقدّمات من قبل الرئيس الفلبيني للشعب الكويتي، وبغض النظر عن أسبابه، فقد كان رد فعل منه ترضية عن أمر آلمه وعانى منه أهالي ضحايا المقتولين.. كما أن تسهيلاته التي أولاها لرعاياه في الكويت بالمغادرة مجانا ــــ غير آبه بالتبعات ــــ جعلت كثيرا من الأمور تختل لدينا..
فمنذ يومين سألت زميلتي في العمل عن سبب تغيّبها المفاجئ، خصوصا أنها مسؤولة، فأجابت بأن العاملة لديها بالمنزل (الفلبينية) تركت منزلها للسفر لبلادها بعد سماعها الخبر! فوجدت زميلتي نفسها أمام خمسة من الأبناء، أصغرهم ذو عام واحد، بلا رعاية وأعمال منزلية كثيرة لم تعتد عليها، خصوصا أن لديها «ديسك» يمنعها من ممارسة أعمال تحتاج مجهودا عضليا وبدنيا كبيرا ومستمرّاً! فكيف يُعطي في مجاله من لم تتهيأ ظروفه النفسية بطريقة مُريحة وسلسة له ولأبنائه، خصوصا أن هذا الشيء لم يكن من اختيارها بتاتا؟!
تأخذني ذاكرتي إلى حال تعرّضنا لها فجأة في يوم الغزو العراقي في عام ١٩٩٠.. فبين عشية وضُحاها لم يكن لدينا أيدٍ عاملة، وظيفة، مستشفيات، مؤونة، أموال، والأهم من ذلك كله وطن!
فما كان منا ـــ الصامدين ـــ إلا أن تأقلمنا على الوضع الموجود وأصبحنا نعتمد على أنفسنا في كل شيء، حتى تنظيف الشوارع تطوّع شبابنا.. كان مُشرّفاً في ذلك.
فأنت أيضا.. يجب أن تؤقلم نفسك على إمكانات وجود تغييرات في حياتك في أي لحظة، لأن أكثر ما قد يؤرّق ويُتعب هو عنصر المفاجأة!
فإن كنت من الأشخاص الذين يرفعون سقف توقعاتهم في أمور الحياة وبالذات في العلاقات ويرغب في أن يأخذ كما يعطي ولو بعد حين، فأنا أقول لقلبك من الآن: عظم الله لك الأجر!
عش بأدنى توقّعاتك.. عش بالقناعة.. ليرتاح عقلك وفؤادك لتستطيع أن تُنجز بعدها وتُبدع. «لا تنس رسالتك بالكون».. فأنا وأنت نعلم أن الحياة دقائق وثوان.